إن أعضاء السلطة التشريعية في النظام السياسي البحريني لهم الاستقلالية التامة أثناء ممارسة سلطاتهم التشريعية والنيابية ، وتعتبر المجالس التشريعية صاحبة السلطة القانونية ، و لا يستطيع أي مكون سياسي من مكونات نظام الحكم التدخل في اختصاصات أعضاء السلطة التشريعية .
ويستند النظام السياسي البحريني على مبدأ فصل السلطـات التشريعيـة والتنفيذية والقضائيـة مع تعاونـها ، ولا يجـوز لأيٍ من السلطات الثلاث ( التشريعية و التنفيذية و القضائية ) التنازل لغيرها في اختصاصاتـها المنصوص عليها في الدستور .
وإن من يتأمل في الآونة الأخيرة يجد أن العلاقة الدستورية ما بين السلطة التنفيذية و التشريعية تعمل تحت مظلة الطغيان والاستبداد السياسي ويظهر ذلك جلياً حينما تقوم السلطة التنفيذية بإيقاف وتجميد عمل إحدى الأدوات الدستورية والرقابية التي يمتلكها مجلس النواب وهي الاستجواب ، وهذا مما تم عمله في قضية " إسقاط استجواب وزيرة الثقافة " .
بالأمس قد قرر بعض " المتنفعين " من أعضاء السلطة التشريعية عدم الموافقة بأغلبية الأصوات على طلب استجواب وزيرة الثقافة ! و بررت تلك الثلة أسباب هذا السلوك السياسي بحجة إكرام صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر !
ولئن قبل السادة النواب الرافضين للاستجواب الإهانة الموجهة إليهم من قبل سعادة الوزيرة فإننا لا نقبل أبداً بإهانة الشعب ووصفه بالأوصاف اللاذعة بل والإصرار على هذه الأوصاف في المقابلة التي أجريت مع سعادة الوزيرة بعد إسقاط الاستجواب بجريدة الأيام وإعلانها " الانتصار " وتماديها أكثر على الشعب - بسبب أمنها من المحاسبة - وزعمها بأن المخالفين لفعاليات " ربيع الثقافة " قد تلقوا الأموال في مقابل إنكارهم لهذه الفعاليات !
إن ما يهمنا ها هنا اليوم هو مدى دستورية وقانونية إسقاط رئيس مجلس النواب وشركاء السلطة التنفيذية بالمجلس للاستجواب ، فهل ما تم كان على وفق الدستور والقانون واللائحة الموجودة بالمجلس أم لا ؟
يؤسفني أن أقول بأن إسقاط الاستجواب لم يكن على وفق اللائحة المعمول بها بمجلس النواب ؛ إذ قد خالفوا المواد ( 144 و 146 و 147 و 151 ) من اللائحة الداخلية للمجلس والتي تنص على أنه يجوز بناء على طلب موقع من خمسة أعضاء على الأقل أن يوجه إلى أيٍ من الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة فى اختصاصاته ويُدرج الاستجواب في جدول أعمال المجلس في أول جلسة تالية لتقديمه وذلك لإحالته إلى اللجنة المختصة لمناقشته وتقديم تقرير للمجلس بشأنه ، كما للاستجوابات الأسبقية على سائر المواد المدرجة فى أعمال اللجنة ، ويسقط الاستجواب بزوال صفة من وجِّه إليه أو انتهاء عضوية أحد مقدميه لأي سبب من الأسباب إذا ترتب على ذلك نقص عدد المستجوبين عن خمسة أو بانتهاء الدور الذي قدم خلاله .
وبهذا يتبين لنا بما لا شك فيه بأن إسقاط الاستجواب أمرٌ غير دستوري ولا قانوني وأنه مخالفٌ للائحة الداخلية لمجلس النواب وأن إسقاطه إنما هو " أمرٌ دُبِّر بليل " وعلى الدستور والمجلس وأعضاءه بل وعلى الشعب مني السلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق