أعضاء السلطة التشريعية بمملكة البحرين يمثلون الأمة و الشعب بأكملهم فهم ليسوا كأعضاء السلطة التشريعية في الديمقراطيات القديمة عندما كان العضو النيابي يمثل الإرادة السياسية لدائرته الانتخابية فقط و لا يرعى إلا مصالح تلك الدائرة ، فالأنظمة السياسية الحديثة بعد الثورة الفرنسية وضعت القواعد الأساسية لبناء نظام ديمقراطي يكون العضو فيه يمثل الأمة بأكملها و ليس حزب معين أو دائرة انتخابية معينة ، وقد أخذت مملكة البحرين بتطبيق ذات النهج الحديث في إرساء القواعد الأساسية للنظام النيابي التمثيلي .
ويتولى كل وزير في الحكومة البحرينية الإشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة ويُشرف على تنفيذها ، و كل وزير وفقاً للدستور البحريني مسؤول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته ، ومهمٌ هنا أن نعلم بأن النظام البرلماني البحريني قد أخذ طابع المسؤولية الفردية للوزراء ولم يأخذ شكل المسؤولية الجماعية للحكومة وهذا مما جاء النص عليه في الدستور .
يأتي أهمية هذا الكلام بعد الحادثة الغريبة التي وقعت بمجلس النواب والتلاسن غير المسبوق في تاريخ المجلس بين وزيرة الثقافة وأعضاء مجلس النواب حيث استخدمت وزيرة الثقافة ألفاظ نابية بحق الشعب ووصفتهم " بالمرتزقة " ولم يسلم أعضاء السلطة التشريعية من لسانها فقد وصفتهم " بعدم الرجولة " فقط لأنهم خالفوها الرأي وكان من الأجدى لسعادة الوزيرة أن تتقبل الرأي والرأي الآخر لا أن تقوم بإهانة مخالفيها بألفاظ لا ترتقي أن تكون بقاموس من يرأس المؤسسة المعنية بالثقافة !
إن اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني في المادة ( 63 ) تنص بأن على المتكلم التعبير عن رأيه ووجهة نظره ، مع المحافظة على كرامة وهيبة المؤسسات الدستورية بالدولة وكرامة المجلس ورئيسه وأعضائه ، كما يجب على المتكلم ألا يكرر أقواله ولا أقوال غيره ، ولا يجوز له أن يخرج عن الموضوع المطروح للبحث ، ولا أن يأتي بصفة عامة بأمر يُخل بالنظام والوقار الواجبين للجلسة .
وبناءً على ذلك فإن وزيرة الثقافة بإهانتها للشعب وأعضاء السلطة التشريعية وطعنها بمؤسسة دستورية قد خالفت ما نصت عليه اللائحة وبالتالي فإنه يجب محاسبتها من ناحيتين : الأولى سياسياً : عن طريق استخدام الأدوات الدستورية البرلمانية كالاستجواب وطرح الثقة ، والثانية قانونياً : برفع دعوى قضائية عليها في المحكمة الدستورية وأخرى في المحكمة المدنية .
ويبقى السؤال هل يمكن أن تتم هذه المحاسبة ؟ بوجهة نظري أنه من الصعب أن يتم محاسبتها بسبب الدعم اللامحدود الذي تتلقاه سعادة الوزيرة من قبل بعض أصحاب النفوذ في السلطة وفئة قليلة تسيطر على الإعلام بالداخل تحاول تبرير إهانة الوزيرة للشعب وممثليه وتقوم بالطعن ليل نهار بمخالفي سعادة الوزيرة في الرأي وتصفهم بالتشدد والتخلف والرجعية وتزعم بأنهم أعداء للثقافة كما لا ننسى أيضاً الدعم الخارجي الذي تتلقاه سعادة الوزيرة وبالأخص من الولايات المتحدة الأمريكية حيث أنها تنفذ ما تطمح إليه أمريكا من أهداف بالمجتمع البحريني دون أي جهد منها ويكفي تدليلاً على ذلك إشادة السفير الأمريكي لسعادة الوزيرة بنهجها المتميز في النهوض بالثقافة - المزعومة - بمملكة البحرين !
ولئن أراد الشعب فعلاً إسقاط سعادة الوزيرة لإهانتها له ووصفها له بالأوصاف اللاذعة فإن عليه ألا يعتمد على النواب في إسقاطها - وذلك لأسباب ليس هذا مجال ذكرها - وإنما فليستعن بالله تعالى أولاً ومن ثم ليقم هو بالمطالبة بإسقاطها باعتصامٍ يقوم به عند مجلس الوزراء فإن لم ينفع هذا فليقف عند قصر الصافرية وليطرح قضيته إعلامياً وبالأخص على الإعلام الغربي وأكاد أجزم أنه إن تم ذلك فإنه لن تبقى هذه الوزيرة في منصبها ... هذا إن أراد الشعب أن ينتصر لكرامته التي أهينت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق