الجمعة، 21 سبتمبر 2012

فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في تعدد الجمعة في البلد الواحد

تعدد الجمعة في البلد الواحد
الفتوى رقم ( 2212 )
س: جرى اختلاف في قضية تعدد الجمع في البحرين بين  أهل العلم، ويوجد في مدينة المنامة أربعة مساجد يصلى فيها، ولكن بعض هذه المساجد ضاق ولا يسع جماعته، فيصلي كثير في الشمس المحرقة وفي الطرق وفوق السقوف، فما حكم فضيلتكم في حد جواز التعدد ومنعه، وهل يوجد نصوص صحيحة في منع التعدد؟ مع العلم بأن في كثير من بلاد الإسلام أجازوا التعدد بدون شدة الضرورة، ومعمول به، وبما أن المعمول على فتواكم، وأنتم المرجع المقبول فتواه في الأحكام الشرعية؛ نرفع السؤال آملين من فضيلتكم بيان الحكم الذي تعتمدونه .
ج: ثبت أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسجد تقام فيه صلاة الجمعة بالمدينة إلا مسجد واحد هو المسجد النبوي ، وكان المسلمون يأتون إليه لصلاة الجمعة به، من أطراف المدينة وضواحيها، كالعوالي، واستمر الحال على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وذلك دليل عملي منه صلى الله عليه وسلم على القصد إلى جمع المسلمين في صلاة الجمعة في البلد الواحد على إمام واحد، إشعارًا بوحدة القيادة، وجمعًا للقلوب، وتأليفًا للنفوس، وزيادة في التعارف، وتأكيدًا لمعاني الأخوة، ولو كان تعدد الجمع في البلد الواحد من غير مبرر شرعي مباحًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم أن يصلي كل منهم الجمعة في مسجده بأطراف المدينة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن  إثما، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وفي ذلك تيسير على أمته وتخفيف عنها، وعمل بعموم قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وعموم قوله: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا فلما لم يأمرهم بالتعدد، ولم يأذن لهم فيه، دل ذلك على قصده عليه الصلاة والسلام إلى توحيد الجمعة في البلد الواحد، وجمعهم على إمام واحد فيها؛ لما تقدم بيانه من الحكمة في ذلك.
لكن إذا كانت المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة في مدينة المنامة تضيق بمن يصلي فيها الجمعة حتى أن كثيرًا منهم يصلي في الشمس الشديدة الحرارة وفي الطرق وفوق السقوف؛ فلا مانع من أن تقام الجمعة في مساجد أخرى زيادة على المساجد الأربعة التي تقام فيها الجمعة حاليًا حسب ما تقتضيه الحاجة، تيسيرًا على الناس، ودفعًا للحرج عنهم، وعملاً بقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه   وقوله: يسروا ولا تعسروا ولهذا لما كثر المسلمون بعد عهد الخلفاء الراشدين وازدحمت المساجد بمن يصلي فيها الجمعة- صلوا الجمعة في أكثر من مسجد في المدينة الواحدة، عملاً بأدلة التيسير ورفع الحرج، ولنا فيهم أسوة حسنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المصدر : موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء http://www.alifta.net