قام جدنا رحمه الله بعمل وقف ذري لاعتقاده انه بحبسه للعقار بصيغة «الوقف»، حتى أن يرث الله الأرض وما عليها، سوف يؤمن لذريته سكنا مناسبا أو ريعاً وفيراً ليعيشوا منه حياة كريمة عفيفة مدى العمر، وبغض النظر عن ما إذا كان الوقف يخالف أحكام الشريعة الإسلامية وأن الله اعطى كل ذي حق حقه، أو انها عادة متوارثة من الصحابة يشهد لها التاريخ وبإجماع الأئمة، أو إن كان الوقف تم إلغاؤه في بعض الدول الإسلامية نظرا للمشكلات الكبرى التي سببها الوقف، إلا أن الوقف قائم لم يتم إلغاؤه في مملكتنا الحبيبة البحرين.
والذي لا يعلمه مورثنا، رحمه الله، بأن العقار الذي حبسه لنا تحت صيغة «الوقف» لعدم ضياعه تحول من إدارة أموال القاصرين بحكم محكمة دون الرجوع إلى بقية الورثة ليكون تحت إشراف إدارة الأوقاف السنية وأصبح العدد الهائل من الذرية جامعيين، منهم الأطباء والمدراء ورجال الأعمال، محجوبون من إدارة «حتة عقار»، وبهذا فقد انقلب السحر الذي أعده مورثنا على الساحر وأصبحت «المنفعة ... مضارة».
فمنذ أكثر من سنتين وريع العقار الوقف محجوز لدى إدارة الأوقاف السنية يتأرجح تارة بين المحاكم الشرعية وتارة بين إدارة أموال القاصرين التي كانت صاحبة الولاية، لحين الانتهاء من الفريضة الشرعية لمستحقي العقار سالف الذكر ومن دراسة وضع العقار، وما يزيد من مرارة السخرية في هذا المقام هو أن عددا من الورثه يترددون بشكل دوري على الإدارة «حتى سال لعابهم» وتم اذلالهم واصبحوا يتوسلون للمسؤولين للقيام بتوزيع الريع على الورثه من الذرية دون مجيب.
مدير يعيش في حصن حصين يصعب الوصول إليه عبر الهاتف، موظفون في زيارات ميدانية أو في الصلاه الجماعية أو في البيت لأن الدوام قد انتهى، وما على المستحقين أصحاب الميراث الموقف إلا الصبر حتى اليوم التالي هذا ان لم تكن هناك إجازات اسبوعية أو رسمية، ويصبح التنفيذ في حالة «وقف» أيضاً ..
وبما أن جميع العقارات الوقف في البحرين تتجه نحو إدارة الأقاف السنية، كالوادي الذي يصب فيه مياه الشلالات، و أن العقار سالف الذكر “ذري” وليس «خيري»، وهذا يعني ذهاب ريعه للذرية وليس للأوقاف، وبما أن إدارة الأوقاف هي الجهة القائمة على إدارة العقار الوقف وعلى تطبيق الشريعة الإسلامية لذا نأمل من القائمين عليها المبادرة في تطبيق نظام الجودة لخدمة المواطن وإطلاع أصحاب الشأن على مجرى الأمور والتشاور وفتح الحوار والتسريع في العمليات والتي تعد بمثابة الأداء لتنفيذ رؤية المملكة الاقتصادية 2030 حيث إن أكثر من سنتين أكثر من كافية لتقييم العقار ومعرفه ريعه.
كما نأمل من الإدارة التقليل من عملية الغياب الجماعي بين منتسبي الإدارة، بسبب أو بآخر، فالإسلام قد رفع من شأن العمل حيث جعله بمنزلة العبادة التي يتعبد بها المسلم ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، بل بلغ من إجلال الإسلام للعمل ما جاء في الأثر «إن من الذنوب لايكفرها إلا السعي في طلب المعيشة» ابن عساكر عن أبي هريرة.
أم منيرة : صحيفة الأيام العدد 7981 الثلاثاء 15 فبراير 2011 م الموافق 12 ربيع الأول 1432
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق